عدد المساهمات : 56معدل النشاط : 2التسجيل : 03/05/2012
موضوع: البحرية الجزائرية بين الماضي و الحاضر السبت مايو 19, 2012 10:55 pm
قائد القوات البحرية الجزائرية اللواء مـالك نسيـب
نبذة صغيرة عن تاريخ البحرية الجزائرية
الاسطول البحري الجزائري ....اقوى اساطيل البحر الابيض المتوسط 1515-1827
كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول فى حوض البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة فى دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789 م وبالثورة الامريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الإسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو "أيـالـة الجــزائر" وأحيانا إسم " جمهورية الجزائر" أو " مملكة الجزائر"، و أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم. كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة فى المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية فى هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من أجله ضمـــن "الخلافة العثمانية " وتحت حمايتها. لقد بادرت فرنسا فى "مؤتمر فيينا "1814/ 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على " دولة الجزائر"
مؤتمر فيينا
و أسندت المهمة إلى فرنسا وانكلترا ، و توفرت الظروف المناسبة للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة " نافارين" Navarin سنة 1827م، حيث كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط. لقد كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر. بعد ضرب الداي حسين قنصل فرنسا بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التى قدمت لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التى اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ 20 مليون فرنك ذهبي فى ذلك الوقت. فقرر الملك الفرنسي شارل العاشرإرسال أسطولا بحريا مبررا عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا و الانتقام من الداي حسين
حادثة المروحة
يحاول الملك شارل العاشر الرفع من شعبيته من خلال غزو الجزائر و لكن ذلك لم يمنع قيام ثورة شعبية أطاحت بحكمه إن الدوافع الحقيقية للإحتلال كانت غير ذلك، فبالإضافة إلى الصراع الديني القديم بين المسيحية و الإسلام كان يسعى الاحتلال إلى الرفع من شعبية الملك شارل العاشر المنحطة و السطو على خيرات الجزائر و التهرب من دفع الديون. وكان القرار النهائي بشن الحملة قد اتخذ يوم 30 جانفي 1830م، حيث قام الملك الفرنسي بتعيين كل من الكونت دي بورمون قائدا عاما للحملة والأميرال دوبري (Duperré) قائدا للأسطول، وفي ماي 1830م حررت الحكومة الفرنسية وثيقـتين لتبرير حملتها، الوثيقة الأولى موجهة للدول الأوربية، والثانية للشعب الجزائري ، تعلن فيها أن حملتها تستهدف تأديب العثمانيين وتحرير الجزائريين من سيطرتهم. وفي 25 ماي 1830م إنطلقت الحملة الفرنسية تجاه الشواطئ الجزائرية من ميناء طولون (Toulon)، وقد وضعت خطة الحملة وفق ما رسمه المهندس العسكري الخبير بوتان (Boutin) الذي جاء إلى الجزائر سنة 1808م للتجسس عليها بطلب من الإمبراطور نابليون بونابرت. كان تعداد الحملة حوالي 37.000 رجل موزعين على 3 فرق وعلى رأس كل واحدة منها جنرالا، تحملهم 675 سفينة عليها 112 مدفعا ووصلت الحملة إلى شاطئ سيدي فرج يوم 13 جوان 1830م وشرعت في عملية الإنزال مباشرة في اليوم الموالي.
حصار أيالة الجزائر
انزال الجنود الفرنسيين على شاطئ سيدي فرج
تاريخ البحرية الجزائرية
القبطان بابا عروج
القبطان خير الدين برباروس أمير البحار
يعتبر تاريخ البحرية الجزائرية كبير وحافل. سنة 1518 حيث بداء بعد زيادة عمليات الغزو الأسباني لشواطىء والموانئ الجزائرية حيث كانت تحتل موانىء مرسى الكبير و وهران و بجاية في عام 1518 حيث تم الاستعانة باالدولة العثمانية لطرد الغزات وقد ارسلت الاخوين عروج بربروس وخير الدين بربروس وهما البانين الأصل حيث اخرجو الغزات الأسبان من الموانء الجزائرية وبعدها انضمت الجزائر لدولة العثمانية وتم البدء ببناء الاسطول البحري الجزائري حيث تم في البداية بناء 4 قطع بحرية وتلتها قطع اخرى أكبر وانضم الكثير من العثمانيين للاسطول ليشكل اسطولا كبيرا بسط سيطرته على غرب المتوسط لفترة دامت ل 3 قرون. وبعدها تم تطوير الاسطول وتزويده بمدافع كبيرة من هذا النوع. في عام 1618 هاجمت البحريتان الإنجليزية والهولندية الجزائر العاصمة بوحشية لكن تم هزيمتهم وتدمير نصف اصطولهم ودحرهم
وقد كاانت هناك عدة معارك بحرية بين الجزائر واسبانيا طوال القرنين 17 و18 م لكن أكثر ما جلب للجزائر شهرة واموالا واعداء هو النضام الذي كانت تعمل به البحرية الجزائرية وهو حماية السفن التجارية من القراصنة عبر دفع دولها لضرائب مقابل دالك وان لم تدفع يتم حجز السفينة المعنية حيث كانت الضرائب على الدول خاصة :فرنسا ,السويد , البندقية , اسبانيا , الدنمارك , إنجلترا , أمريكا .
معركة نافارين1827
وقد ادى هذا القانون لزيادة اعداء الجزائر واستياء الدول الغربية كثيرا لكن الكارثة الكبرى حلت على الجزائر في معركة نافارين عام1827 حيث قادت البحرية الروسية و الفرنسية و الاجليزية تحالفا لتركيع الدولة العثمانية فارسل الجزائريون اسطولهم لنصرة العثمانيين مما جعل الجزء الأكبر منه يدمر في المعركة مما جعل الجزائر من دون دفاعات وزادت شدة العداوة لها وبعدها قامت فرنسا بحصار الجزائر لمدة 3 سنوات تلتها عملية الغزو الكبرى لتنتهي بسقوط العاصمة عام 1830 لتنتهي حقبة كبيرة من تاريخ البحرية الجزائرية
كخلاصة:
إن تاريخ البحرية الجزائرية ملحمة، تزخر ببطولات و أمجاد صنعها رجال أشاوس من طينة الكبار، خاضوا عباب البحر، شقوا اليابسة، و ركبوا الصعاب، ضاربين أروع الأمثلة في الشجاعة و الوطنية و نكران الذات، قهروا خلالها الأعداء بصدهم عدة هجمات و تحرشات كانت تتربص بوطنهم، غذتها الضغينة و الهيمنة و روح الانتقام، و بسطوا نفوذهم على البحر المتوسط بفضل أسطول بحري قلب الموازين و الاستراتيجيات البحرية السائدة آنذاك، و كان بمثابة الدرع الواقي للسواحل الجزائرية و الدعامة الأساسية التي قامت عليها الدولة الجزائرية بدءا من القرن السادس عشر.
سقوط غرناطة
تسليم مفاتيح غرناطة وعمليات طرد المسلمين وحرق كتبهم لمسح اي اثر للاسلام
لقد كان لانجازات الأسطول الجزائري صدى منقطع النظير، فبقدر ما كان محل فخر و اعتزاز ، لحمايته و إجلائه للمسلمين الفارين من الأندلس نحو بلدان المغرب العربي، كانت محل حقد و ضغينة لدى البعض و في مقدمتهم الأسبان الذين كانوا يتحينون أدنى الفرص للقضاء عليه بشنهم عشرات الهجمات على السواحل الجزائرية، لاسيما بعد ضعف الخلافة الإسلامية و سقوط غرناطة سنة 1492. عظمت صولة و سلطان البحرية الجزائرية قرابة ثلاثة قرون، إلى غاية مطلع القرن التاسع عشر، أصيب خلالها الأسطول الجزائري بالضعف بسبب عدم أخذ رياس البحر في تلك الفترة بأسباب التطور الصناعي، لتأتي بعدها النكسة التي تعرض لها في معركة نافارين سنة 1827، و التي فتحت المجال واسعا أمام الهجمات المعادية، مما شجع شارل العاشر ملك فرنسا للتخطيط لاحتلال الجزائر بفرض حصار بحري عليها، انتهى باحتلالها سنة 1830 .
عمدت الإدارة الفرنسية أثناء فترة الاحتلال إلى إبعاد الجزائريين عن أي نشاط له علاقة بالبحر، إلى غاية سنة 1956 بعد انعقاد مؤتمر الصومام ، حيث تم إرسال مجموعة من الشباب ينتمون لصفوف جيش التحرير الوطني للتكوين خارج الوطن في مجال قيادة المراكب، ضفادع بشرية مؤهلة لوضع متفجرات مضادة للبوارج و تفكيك الألغام.
في غمرة الاحتفال بالاستقلال، استكملت الجزائر في العصر الحديث بناءها كشعب و دولة، بعد أن حققت وحدتها الإقليمية و السياسية في الخامس من شهر جويلية 1962. في هذه الظروف، أنشئت البحرية الوطنية الجزائرية سنة 1963، نصب مقر قيادتها بوزارة الدفاع الوطني الكائن آنذاك بشارع "فرنكلين روزفلت"، لتحول بتاريخ الفاتح من جوان 1964 إلى الأميرالية.
مرت البحرية الوطنية بعدة تغيرات في هيكلها التنظيمي، أملتها الرغبة الملحة في تسيير هذا السلاح الحساس بنظرة أكثر تطورا وحداثة. ففي المرحلة الممتدة من سنة 1962 إلى 1977 كانت البحرية الوطنية عبارة عن مديرية بحرية ضمن مديريات وزارة الدفاع الوطني إلى غاية 1986 تحولت بعدها إلى هيكل سام يحظى بتنظيم و مهام خاصة.
مراحل تطور البحرية الوطنية
تركز تطور البحرية الوطنية الجزائرية، منذ السنة الأولى لاسترجاع السيادة الوطنية سنة 1962، على تكوين الإدارة وجلب العتاد الضروري لاحتياجات البلاد.
تمثلت المراكب القتالية الأولى التي باشرت بموجبها البحرية الوطنية نشاطها في:
سفينتان قتاليتان بريطانيتي الصنع من نوع كاسحات الألغام كانت تحملان على التوالي اسم "سيدي فرج"و"جبل الأوراس" .قامت بإهدائهما مصر (تعرضت سفينة جبل الأوراس للغرق في أبريل 1963 جراء عاصفة بحرية، فقدت البحرية خلالها ثلاثة من رجال بحريتها هم: الملازم الأول نورين علي واثنين من البحارة)؛ تقرر بعدها الاتجاه الى تكوين العدد الكافي لكادر البحرية اولا بعدها كانت اولى السفن المقتنات ايطالية وروسية ثلاثة زوارق قاذفة للطوربيدات، تسلمت سنة 1963.
مؤسس البحرية الجزائرية
الاميرال محمد بن موسات 1962/1978
ولد أول اميرال للبحرية الجزائرية الحديثة في 19 نوفمبر 1936 بتلمسان الابن الاصغر و الوحيد بين اربع بنات عندما وصل سن15 ارسلته امه للدراسة في مدينة وجدة1951 بعدها انتقل الى الدار البيضاء 1954 حيث حصل على البكالوريا وكان يعطي دروس في الرياضيات حتى يضمن بعض المال لتغطية مصاريفه انظم كغيره من الطلاب الجزائريين الذين درسوا في ثانوية وجدة(عبد العزيزبوتفليقة) الى صفوف الثورة حيث ابتدأ دوره بتهريب السلاح من وجدة الى الجزائر في قارب سمك 1955 وكانت بداية قدره مع البحرية حيث ارسلته قيادة الثورة الى مصر 1957/1959 ليدرس في الكلية الحربية وتخرج برتبة ملازم
الملازم بن موسى الصف الواقف الخامس من اليسار بجانب علم الكلية مع مجموعة طلبة ضباط جزائريين
ومن 1959 الى 1962 تم ارساله مع طلبة ظباط جزائريين الى التكوين في الاتحاد السوفياتي في مدينة بوتي على ضفاف البحر الاسود
وعند استقلال الجزائر عين قائدا للبحرية الجزائرية في سن 26 سنة اغلى ما تملكه عنفوان شبابها جمع حوله مجموعة من الضباط زملائه ليحقق حلما هو استرجاع مجد اقوى بحرية في البحر المتوسط تم استدعائه للدراسة لمدة سنة لقيادة اركان في روسيا 1965 بدأ تكوينه في موسكو ثم انتقل سان بيترسبورغ (لينينغراد) وأثنى عليه اساتذته وتنبئوا له بمستقبل زاهر
عند رجوعه في افريل 1966 اهتم بفتح مدرسة تامنفوست(لا بيروز) للبحرية وعقد اتفاقيات مع ارقى وأعرق المدارس البحرية ايطاليا بريطانيا روسيا فرنسا وقام بإعتماد اللون الابيض للبحرية وكان أول من رفع العلم الجزائري عند استعادة القاعدة البحرية لسيدي لكبير 02 فيفري 1968 تاريخ جلاء آخر جندي فرنسي
الثاني على اليمين بجنب الجنرال السوفياتي غورشكوف لتوقيع اتفاقية تعاون بين البحريتان1970
في الوسط مع الجنرال جياب الفيتنامي
قام ببناء قوات بحرية من لا شيئ تنحى عن منصبه و عين في البعثة الدبلوماسية للمكسيك في 79, و كأول سفير للجزائر في المكسيك 80/83 ثم بعدها الى هولندا ووافته المنية سنة 2004 بعد تعرضه لازمة قلبية وكانت جنازته رئاسية بمعنى الكلمة شارك فيها كل افراد البحرية الذين رباهم على يده باقي رفاقه في الكفاح ومات الاسد رحم الفقيد و اسكنه فسيح جنانه
المرحلة الأولى من سنة 1962-1967 :
عرفت هذه المرحلة إتباع سياسة تكوين مكثف و اقتناء منشآت ووسائل قتالية كفيلة بضمان حماية السواحل من الأطماع الخارجية، و في فترة وجيزة تعززت البحرية الوطنية بسفن قتالية و أخرى للإسناد، زوارق قاذفة صواريخ صنف 183R، زوارق قاذفة طوربيدات صنف 183، سفن مضادة للغواصات من طراز 201، زوارق قاذفة صواريخ من طراز 205، سفن طوبوغرافية، سفن لاسترجاع الطوربيدات، سفن لإسناد الغطاسين وواضعي الألغام. يعد استرجاع القاعدة البحرية "مرسى الكبير " في 02 فبراير 1968، مكسبا وطنيا كبيرا، نظرا للأهمية الإستراتجية التي تكتسيها هذه القاعدة التي مكنت البحرية الوطنية من امتلاك وسيلة للقيادة والدعـم التقني–العملياتـــي والردع في المنطقة، و التفكير في أفاق تنظيـــم و إنشاء ورشات للصناعة البحرية و العمل على نشر أهم قواتها لمواجهة أي خطر محتمل.